تونس: حكم غيابي بالسجن لمدة عام على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

قضت محكمة تونسية الإثنين بالسجن عاما وبغرامة مالية قدرها ألف دينار (حوالى 300 يورو) بحق رئيس حركة النهضة الموقوف منذ نحو شهر راشد الغنوشي، حسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.

والقضية التي اتهم فيها الغنوشي (81 عاما) تتصل بـ”تمجيد الإرهاب” وبوصف عناصر الأمن بأنهم “طواغيت”.

ويذكر أنه في 21 شباط/فبراير الماضي، مثل الغنوشي أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس قيس سعيّد، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في دعوى مقامة ضده وتتهمه بوصف الشرطيين بـ”الطواغيت”. وظل في حالة سراح على ذمة التحقيق.

وقبل نحو شهر، أوقفت قوات أمنية الغنوشي في تونس العاصمة بعدما حذر من “إعاقة فكرية وإيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية” في حال القضاء على الأحزاب اليسارية أو تلك المنبثقة من التيار الإسلامي مثل النهضة. وانتقدت أطراف عدة توقيفه، بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وإثر ذلك صدرت مذكرة إيداع بالسجن في حقه وأغلقت السلطات مقار الحزب ومنعت اجتماعاته.

ويعتبر الغنوشي أبرز معارض يتم توقيفه منذ تفرد الرئيس التونسي قيس سعيّد بالسلطات في البلاد في تموز/يوليو 2021. 

ومثل الغنوشي مرارا أمام القضاء للتحقيق في ملفات وتهم تنسب إليه بـ”تسفير إرهابيين” و”تبييض الأموال”.

وشنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في حق العديد من المعارضين السياسيين بمن فيهم قياديون من الصف الأول في حزب النهضة.

ولم يصدر القضاء إلى اليوم بشكل رسمي التهم الموجهة إليهم، لكن الرئيس سعيّد يتهمهم “بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” ويصفهم “بالإرهابيين”.

وتضمن بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش الخميس أن السلطات التونسية كثفت “هجومها على المعارضين وانتقلت إلى تحييد حركة النهضة، أكبر حزب سياسي في البلاد”.

    “تصفية الخصوم السياسيين” 

منذ كانون الأول/ديسمبر 2022، اعتقلت الحكومة التونسية ما لا يقل عن 17 عضوا حاليا وسابقا في الحزب، بينهم زعيمه، وأغلقت مقاره في كل أنحاء البلاد، و”يتعين على السلطات الإفراج فورا عن جميع الموقوفين تعسفا، ورفع القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات والتجمّع”، وفقا للمنظمة.

ويتهم الحزب سعيّد الذي غيّر دستور البلاد وأقر انتخابات برلمانية بعد أن حلّ مجلس النواب السابق، بتطويع القضاء “لتصفية الخصوم السياسيين”.

وأثار توقيف الغنوشي تنديدا واسعا من دول غربية، لكن الخارجية التونسية اعتبرته “تدخلا” في الشأن الداخلي.

يسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزز ووضع حد للنظام البرلماني الذي أُقر إثر ثورة 2011 التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديمقراطي فريد في المنطقة.

ومنذ 25 تموز/يوليو 2021 استأثر سعيّد بالسلطات وعدل الدستور لإرساء نظام رئاسي على حساب البرلمان الذي لم يعد يتمتع بصلاحيات فعلية.

والغنوشي الذي كان معارضا شرسا لنظامي كل من الرئيس الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، عاد إلى تونس من لندن بعد عشرين عاما من المنفى، واستقبله في العام 2011 آلاف من أنصار حزبه مرددين “أقبل البدر علينا”.

وبعد عودته، عمل الغنوشي الذي اعتبر لفترة طويلة متشددا مقربا من جماعة “الإخوان المسلمون” المصرية، على محو كل أثر للتطرف الإسلامي في خطابه، وأصبح يقدم نفسه على أنه معتدل، وقاد حركة النهضة في مختلف الفترات التي شاركت فيها في الحكم في إطار سياسة توافق مع أحزاب أخرى.

وتمر تونس بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة، ولم تتمكن الحكومة من التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل تلقي تمويل بقيمة ملياري دولار.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *