أبدت فنزويلا الأربعاء لهجة حادة في ردها على الولايات المتحدة، وأكدت أنها لم تتأثر بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار على “آليات النفط الخاضعة للعقوبات” المتجهة منها وإليها.
في المقابل، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى تجنب أي تصعيد إضافي، بينما أعلنت الصين وقوفها إلى جانب فنزويلا ورفضها لـ”سياسة الاستقواء”.
وجاء إعلان ترامب الثلاثاء ليعكس مستوى جديدا من التصعيد في حملته السياسية والعسكرية والاقتصادية المستمرة ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو .
وأكدت كراكاس، التي تملك أكبر احتياطات مؤكدة من النفط في العالم، أن حركة التصدير تجري بصورة اعتيادية.
ونقلت شركة النفط الوطنية “بيتروليوس دي فنزويلا” أن “عمليات تصدير النفط الخام ومشتقاته تجري بصورة طبيعية ناقلات النفط تواصل. الإبحار بأمان تام”.
وكان ترامب قد صرح الثلاثاء بفرض “حصار كامل وشامل على كل ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا وتخرج منها”.
كما حذر مضيفا أن “فنزويلا محاطة بالكامل بأكبر أسطول جمع على الإطلاق في تاريخ أمريكا الجنوبية”، في إشارة إلى الحشد العسكري الأمريكي الضخم في البحر الكاريبي، بما في ذلك أكبر حاملة طائرات في العالم.
وجدد ترامب الأربعاء موقفه، مؤكدا أن القوات الأمريكية “لن تسمح لأي شخص بالمرور إذا لم يكن مصرحا له”، ومتهما فنزويلا بأنها “أخذت كل نفطنا”.
على صعيد الأسواق، ارتفعت أسعار النفط في بداية التداولات في لندن الأربعاء، بعد أنباء الحصار الذي أعقب بأيام مصادرة البحرية الأمريكية ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قرب السواحل الفنزويلية.
ويعتمد الاقتصاد الفنزويلي المتعثر إلى حد كبير على صادرات النفط.
بدوره، صعد الجيش الفنزويلي من لهجته، إذ قال وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز، في فعالية حضرها كبار القادة المبايعين لمادورو، “نقول للحكومة الأمريكية ورئيسها إننا لا نخاف تهديداتهم الفظة والمتغطرسة”. وأكد أن “لا مساومة على كرامة هذا الوطن ولا رضوخ لأي كان”.
“تجنب تصعيد إضافي”
وفي آب/ أغسطس الماضي، أمر ترامب بأكبر انتشار عسكري في الكاريبي منذ غزو بنما عام 1989، مبررا ذلك بمكافحة تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.
وتؤكد كراكاس أن هذه العمليات ليست سوى غطاء لمحاولة الإطاحة بمادورو والسيطرة على نفط البلاد.
وقد أرسل ترامب إشارات متباينة بشأن تدخل عسكري محتمل في فنزويلا، لكنه يصر على أن أيام مادورو باتت معدودة.
وفي خضم التوتر، شدد غوتيريس على ضرورة “ضبط النفس والتهدئة الفورية للوضع”، محذرا من الانزلاق نحو تصعيد أكبر.
كما أجرى مادورو اتصالا مع غوتيريس حذر خلاله من “تبعات خطيرة على السلم الإقليمي” جراء حملة ترامب ضده.
ومن جانبها، حثت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم الأمم المتحدة على القيام بدور “لمنع إراقة الدماء” في فنزويلا.
“نعارض الاستقواء”
بدوره، أبدى وزير خارجية الصين، أكبر مستورد للنفط الفنزويلي، تضامن بلاده مع كراكاس خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفنزويلي.
وقال وانغ يي إن “الصين تعارض أي شكل من أشكال الاستقواء، وتدعم حق جميع الدول في الدفاع عن سيادتها وكرامتها الوطنية. ولفنزويلا الحق في إقامة علاقات تعاون تحقق المنفعة المتبادلة مع الدول الأخرى بشكل مستقل”، بحسب بيان الخارجية الصينية.
كما أدانت إيران “التصريحات والأفعال التهديدية الأمريكية” تجاه حليفتها، ووصفتها بأنها “سياسة قائمة على القوة والاستقواء الممنهج”.
وذكرت الخارجية الإيرانية أن “الهجمات أو الاستيلاء أو عرقلة حركة السفن التجارية المتجهة من وإلى فنزويلا تمثل مثالا واضحا على القرصنة والسطو المسلح في البحر”.
“قطع شريان حياة”
وشكلت مصادرة ناقلة محملة بما بين مليون ومليوني برميل نفط كانت في طريقها إلى كوبا الأسبوع الماضي نقلة نوعية في حملة ترامب ضد مادورو.
ومن شأن الحصار الأمريكي أن يفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة لفنزويلا.
وتخضع البلاد منذ 2019 لحظر نفطي أمريكي أرغمها على بيع إنتاجها في السوق السوداء بأسعار منخفضة، خاصة لعدد من الدول الآسيوية.
وتنتج فنزويلا حاليا نحو مليون برميل يوميا، بعد أن كان إنتاجها يقترب من ثلاثة ملايين برميل في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

التعليقات