رأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد وجود “فرصة جيدة” للتوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وذلك عقب المحادثات الأمريكية الأوكرانية الأخيرة التي جرت في فلوريدا، في وقت يستعد مبعوثه لزيارة موسكو لمتابعة المفاوضات.
وفي أعقاب جلسات طويلة عقدت في مدينة هالانديل بيتش شمال ميامي ووصفت من الطرفين بأنها “مثمرة”، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن المزيد من العمل ما زال مطلوبا، بينما وصف مصدر في الوفد الأوكراني المناقشات بأنها “ليست سهلة”.
وتأتي هذه اللقاءات بينما تواجه كييف ضغوطا عسكرية متزايدة وأزمة فساد داخلية، حيث تمهد الطريق لزيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو، المقررة الثلاثاء، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقدمت واشنطن خطة لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتسعى إلى إقرارها بشكل نهائي بعد موافقة موسكو وكييف.
وقال ترامب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية إن “أوكرانيا لديها بعض المشاكل الصغيرة الصعبة”، مشيرا إلى التحقيقات المتعلقة بالفساد التي دفعت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإقالة مدير مكتبه ورئيس وفد التفاوض. وأضاف ترامب: “لكنني أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق”.
وفي تصريحات أخرى، أوضح روبيو أن محادثات فلوريدا، التي شارك فيها أيضا ويتكوف وجاريد كوشنر صهر ترامب، اتسمت بقدر كبير من الإنتاجية، لكنه شدد على ضرورة مواصلة العمل.
أما الوفد الأوكراني الذي يرأسه أمين مجلس الأمن القومي رستم عمروف، فقد وصف تلك الجلسات بأنها “مثمرة وناجحة”، موضحا عبر فيسبوك أنه أطلع زيلينسكي على “تقدم كبير” تم إحرازه. وبدوره، كتب زيلينسكي على منصة “إكس” أن المحادثات كانت ديناميكية وبناءة، مع التركيز على حماية سيادة أوكرانيا ومصالحها الوطنية.
بالتزامن مع ذلك، كثفت موسكو هجماتها الليلية على العاصمة الأوكرانية ومحيطها لليلتين متتاليتين، في ظل هزة سياسية داخلية ناجمة عن إقالة مدير مكتب زيلينسكي أندريه يرماك إثر تحقيقات واسعة في قضايا فساد.
جهود دبلوماسية
المسودة الأولى للمقترح الأمريكي المؤلف من 28 نقطة، والتي صيغت دون تدخل من الحلفاء الأوروبيين، تضمنت انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك شرق البلاد، واعتراف الولايات المتحدة بحكم الأمر الواقع بمناطق دونيتسك والقرم ولوغانسك باعتبارها روسية.
وبعد انتقادات من كييف وأوروبا، أدخلت تعديلات على النص الأصلي، إلا أن الصيغة النهائية لا تزال غير واضحة. وأوضح مصدر مقرب من الوفد الأوكراني في فلوريدا أن “العملية ليست سهلة والبحث مستمر عن صيغ وحلول”.
كما نقل مصدر آخر مطلع على مجريات المحادثات أن “الأمريكيين يريدون فعلا الانتهاء من النقاط النهائية قبل التوجه إلى موسكو”.
وفي سياق مواز، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيجتمع مع زيلينسكي في باريس الإثنين. ومن المقرر أن يغيب روبيو عن اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي المقرر في بروكسل الأربعاء والخميس، رغم قلق الحلفاء من الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب.
وتأتي هذه التحركات الدبلوماسية في ظل غياب أي مؤشرات على تراجع حدة القتال الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وأدى إلى نزوح ملايين الأوكرانيين.
استهداف منشأة نفط روسية
وقبل ساعات من مغادرة الوفد الأوكراني فلوريدا، توقفت عمليات أحد أكبر موانئ النفط الروسية السبت عقب هجوم بزوارق مسيرة.
ووصف “كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين” الذي يضم شركتي النفط الأمريكيتين “إكسون موبيل” و”شيفرون” ويملك المنشأة، الضربة بأنها “هجوم إرهابي”.
ولم تصدر كييف تعليقا رسميا، رغم أنها استهدفت مرارا منشآت الطاقة الروسية في إطار مساعيها لإضعاف الموارد المالية للحرب الروسية. ويعد هذا الخط النفطي، الذي يبدأ في كازاخستان وينتهي بالميناء المستهدف، من بين الأكبر في العالم إذ يساهم بنحو 1% من إمدادات النفط العالمية.
في المقابل، أعلن مصدر أوكراني مسؤولية كييف عن هجوم على ناقلتي نفط في البحر الأسود يعتقد أنهما جزء من “أسطول الشبح” الروسي المستخدم لتفادي العقوبات الغربية.
وقد تعرضت الناقلتان “فيرات” و”كايروس” لانفجارات قبالة الساحل التركي الجمعة، فيما أفادت وزارة النقل التركية بأن إحداهما استهدفت مرة أخرى صباح السبت.
وصرح مصدر في جهاز الأمن الأوكراني بأن مسيرات بحرية من طراز “سي بيبي” نفذت الهجوم بنجاح، عارضا تسجيلا مصورا يظهر لحظة اقتراب المسيرات من الناقلتين وانفجارها.
هجمات ليلية بمسيرات
الهجمات الروسية الليلية على أوكرانيا تواصلت الأحد، حيث أشار حاكم منطقة كييف ميكولا كالاشنيك إلى “هجوم جديد بمسيرة تابعة للعدو” في ساعات الفجر الأولى.
وبين أن الهجوم على مدينة فيشغورود أسفر عن مقتل شخص وإصابة 11 آخرين، بينهم طفل.
ويأتي ذلك بعد ضربة روسية أخرى مساء الجمعة بالطائرات المسيرة والصواريخ، أوقعت ثلاثة قتلى وتسببت في انقطاع واسع للكهرباء عن مناطق عديدة.
وتؤكد موسكو أنها تستهدف بنى تحتية للطاقة مرتبطة بمجمع الصناعات العسكرية الأوكرانية، بينما ترى كييف أن هذه الغارات تهدف لإضعاف المدنيين وإنهاكهم.
وعقب انفجارات عنيفة ليلة السبت، قالت غالينا بوندارنكو، وهي إعلامية أوكرانية، إن شظايا أصابت منزلها في العاصمة، موضحة: “سقطت إحدى الشظايا قرب السرير، وارتطمت به ثم علقت”.

التعليقات