
أكدت وحدة النخبة في جيش مدغشقر المعروفة باسم وحدة “كابسات” أنها استولت على السلطة بعد قرار الجمعية الوطنية عزل الرئيس أندري راجولينا بتهمة التهربّ من واجباته.
وقال قائد الوحدة (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية) الكولونيل ميكاييل راندريانيرينا بعد تلاوته بيانا أمام مبنى حكومي “لقد استولينا على السلطة”.
غادر البلاد وحل البرلمان
وكان رئيس مدغشقر أندريه راجولينا قد قال في وقت سابق الثلاثاء إنه حل الجمعية الوطنية (البرلمان)، في خطوة تصعيدية يبدو أنه أراد منها رفع حدة المواجهة مع المعارضة.
ونُشر مرسوم على فيسبوك ذكر أن الرئيس استشار قادة الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، ولكن لم يتضح على الفور ما إذا كانت هذه الخطوة تحظى بقيمة قانونية.
وفي خطاب من موقع غير معلن مساء الاثنين، أعلن راجولينا أنه “في مكان آمن”، رافضا الاستقالة رغم الضغوط المتصاعدة من احتجاجات مستمرة منذ أسابيع للمطالبة باستقالته، إلى جانب انشقاقات واسعة في صفوف الجيش.
وقال راجولينا في خطابه إنه اضطر للانتقال حفاظا على حياته بعد “محاولة اغتيال”، وإنه لن “يسمح بتدمير مدغشقر”، مضيفا أن “السبيل الوحيد لحل هذه المشكلات هو احترام الدستور”، ورافضا الاستجابة للدعوات التي تطالبه بالتنحي.
غادر بمساعدة فرنسية؟
وكان زعيم المعارضة في مدغشقر، المستعمرة الفرنسية السابقة، ومصدر عسكري ودبلوماسي أجنبي قد أفادوا أن راجولينا فر من البلد، وقال سيتيني راندرياناسولونيايكو، زعيم المعارضة بالبرلمان، إن راجولينا غادر مدغشقر الأحد بعد انقلاب وحدات من الجيش وانضمامها إلى المحتجين، وتابع “اتصلنا بموظفي الرئاسة وأكدوا أنه غادر البلاد”، مضيفاً أن مكان راجولينا الحالي غير معروف.
وكان مصدر عسكري قد أكد أن الرئيس غادر البلاد على متن طائرة عسكرية فرنسية الأحد، في حين قالت وسائل إعلام فرنسية إنه أبرم اتفاقا مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
ماكرون يدعو للحفاظ على النظام الدستوري
ومن شرم الشيخ بمصر، حيث يشارك في قمة حول اتفاق السلام في غزة، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الاثنين عن “قلق كبير” إزاء الوضع في مدغشقر، وقال ماكرون “لا أؤكد شيئا اليوم، لكنني أود أن أعبّر عن قلقنا الكبير وعن صداقة فرنسا لشعب مدغشقر”، وأضاف أنه يجب الحفاظ على النظام الدستوري في مدغشقر، وأنه بينما تتفهم فرنسا مظالم الشباب في البلاد، لا ينبغي أن تستغلها الفصائل العسكرية.
ويأتي هذا في وقت يخيم فيه الغموض والتوتر على المشهد السياسي في مدغشقر، مع تزايد المخاوف من انزلاق البلاد إلى فراغ دستوري أو مواجهة مفتوحة بين المؤسستين العسكرية والسياسية.
وبدا راجولينا معزولا على نحو متزايد بعد أن فقد دعم وحدة “كابسات” التي ساعدته في الاستيلاء على السلطة في انقلاب عام 2009، وانضمت الوحدة إلى المحتجين قبل أيام، وما لبثت معظم القوات المسلحة أن حذت حذوها، ومن بينها قوات الدرك التي كانت سابقا في طليعة قمع المظاهرات.
“جيل زد” أبرز المشاركين في المظاهرات
وأفادت الأمم المتحدة بمقتل 22 شخصا على الأقل وإصابة نحو مئة بجروح في الأيام الأولى للتظاهرات، التي اندلعت في 25 سبتمبر/ أيلول بسبب نقص المياه والكهرباء، لكن سرعان ما تصاعدت إلى انتفاضة بسبب مظالم أوسع نطاقا، بما في ذلك الفساد وسوء الإدارة ونقص الخدمات الأساسية.
وفاقمت هذه التطورات غموض الوضع في هذه الجزيرة الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي، حيث تجمع آلاف المتظاهرين مجددا الثلاثاء في أنتاناناريفو.
وكما هي الحال منذ 25 أيلول/سبتمبر، يغلب على التظاهرات شباب حشدتهم جماعة “الجيل زد”، وانضم إليهم موظفون حكوميون دعتهم نقابات عدة إلى الإضراب ومحتجون من مختلف الأعمار.
كذلك انتشرت اللافتات المعادية لفرنسا، بحسب ما لاحظ فريق وكالة فرانس برس في عاصمة مدغشقر، ومما كُتب عليها: “اخرجي يا فرنسا”، “ويا راجولينا وماكرون اخرجا”.
ويعيش 80% على الأقلّ من سكان مدغشقر البالغ عددهم 32 مليون نسمة بأقلّ من 15 ألف أرياري يوميا (2,80 يورو)، أي تحت خط الفقر الذي يحدده البنك الدولي.
التعليقات