دمشق: تحقيق صحفي يكشف عن حوادث خطف وتزويج قسري بحق نساء وفتيات علويات في سوريا

كشف تحقيق أجرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن ارتفاع في موجة “الاختطاف الممنهج” بحق نساء من الطائفة العلوية، لا سيما بين الفتيات القاصرات، والتي تترافق غالباً مع ابتزاز مادي. كما كشف تقرير الصحيفة عن حالات تزويج قسري وتعذيب جسدي ونفسي بحق الفتيات في ظل ما وصفته الصحيفة بـ “تواطئ صريح أو صمت مريب”، من قبل السلطات المحلية.

وأرفقت الصحيفة في تقريرها صوراً لفتيات ضحايا عمليات الخطف، تبدو عليهن آثار تعذيب واضحة. كما تحدثت عن شهادات مرعبة لفتيات أُطلق سراحهنّ بوساطة نشطاء، بعد أن تم دفع فديتهنّ وتهريبهنّ إلى خارج البلاد.

أبرز الحالات التي تم توثيقها تعود لفتاة من الطائفة العلوية تدعى “نور” وتبلغ من العمر 15 عاماً، كانت اختطفت في شهر آذار/مارس الماضي، وتلقت عائلتها لاحقاً رسائل تطالب بفدية تبلغ قيمتها 100 ألف دولار، مرفقة بصورها وهي مقيدة.

وبعد أن أبلغت العائلة عجزها عن دفع المبلغ، تلقت لاحقاً خبراً من الخاطفين بأن الفتاة قد تزوجت، الأمر الذي اعتبرته العائلة “شرعنة” لعملية اختطافها.

وذكرت الصحيفة قصة شابة أخرى تدعى “وردة”، قالت إنها اختُطفت وطفلها وتعرضت للتعذيب والاغتصاب وحلق الشعر، ثم أُجبرت على التوقيع على عقد زواج. كما تم إرسال صور جسدها بعد التعذيب إلى عائلتها للضغط عليهم.

 

تواطؤ حكومي وشرعنة لعمليات الخطف

ووفقاً للشهادات، تُحتجز بعض الفتيات في سجون غير رسمية في محافظة إدلب السورية.

وتؤكد عدة عائلات تنتمي إلى الطائفة أن السلطات المحلية لا تكتفي بعدم التحرك وحسب، بل تسعى أيضاً إلى إغلاق القضايا عبر تحويلها إلى “زيجات شرعية”، ما يمنح المخطفين غطاءاً قانونياً.

وبحسب التقرير، رفضت الأجهزة الأمنية التابعة للإدارة السورية الجديدة الكشف عن أماكن الفتيات اللواتي زعمت أنهنّ تزوجن “بمحض إرادتهنّ”، رغم أنهنّ قاصرات، فيما نقلت عن مصادر أن بعض الخاطفين يدعون صراحةً انتمائهم إلى “قوات الأمن الجديدة”، ويطالبون العائلات بالمال مقابل حذف أسمائهم من لوائح المطلوبين.

 

شبكات جريمة منظمة

يرجح ناشطون إعلاميون سوريون أن بعض الخاطفين يعملون ضمن شبكات منظمة تمتد خارج سوريا، حيث تشير أرقام الهواتف التي يستعملها الخاطفون إلى صلات محتملة بدول مثل العراق والإمارات العربية المتحدة. فيما طُلب من بعض العائلات دفع أموال الفدية عبر حوالات مالية إلى تركيا.

 

قلق من سيناريو “الإيزيديات”

يحذّر قانونيون وناشطون وإعلاميون من أن ما يجري اليوم من انتهاكات يسدل عليها غطاء التعتيم بحق نساء الطائفة العلوية، يُذكر بالفظائع التي تعرّضت لها النساء الإيزيديات على يد تنظيم داعش.

ويسود القلق من أن تتحول هذه الممارسات إلى نمط ينتشر على نطاق واسع، ويمتد إلى المناطق التي يتركز فيها أبناء الطائفة العلوية في أنحاء سوريا، ويستهدف الفتيات دون أي حماية حكومية أو مسائلة من شأنها أن تضع حداً لهذه الجرائم.

 

حراك دولي وتهم ترقى إلى “إبادة جماعية”

وفي ضوء هذه الجرائم، يجري تحرك دولي يقوده أفراد من أبناء الطائفة العلوية من خلال التواصل مع هيئات أممية.

 وتم رفع دعاوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة في العاصمة باريس، تتعلق بالإخفاء القسري والعبودية الجنسية والاضطهاد الطائفي، بينما تشير الشكاوى إلى أن هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية أو حتى إلى جرائم إبادة جماعية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *