السودان: أبرز المحطات السياسية من عهد البشير إلى النزاع العسكري بين البرهان وحميدتي

بعد انقلاب 19 أبريل/نيسان 2019 الأول الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم  السودان بقبضة من حديد طيلة ثلاثين عاما، علق السودانيون أملهم في عهد جديد تميزه الديمقراطية والانتقال السلس للسلطة.

فخرجوا بالآلاف إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم وعن إيمانهم بمستقبل سياسي واقتصادي زاهر في بلد عانى من ويلات الحرب والنزاعات المسلحة الداخلية والأزمات الإنسانية. 

ورغم أن الجيش هو الذي سيطر على مقاليد السلطة مباشرة بعد الانقلاب، إلا أن غالبية المواطنين كانوا متأكدين آنذك أن مرحلة انتقالية، حتى وإن كانت تحت حكم العسكر، ضرورية ليستتب الأمن والاستقرار قبل الانطلاق في بناء مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة.

فتجمعوا كلهم وراء قوى الحرية والتغيير التي أطلقت محادثات مع ممثلي الجيش، وعلى رأسهم الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي زعيم قوات الدعم السريع لتحديد مدة لفترة انتقالية يليها بعد ذلك تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة تضع السودان على سكة الشرعية السياسية والازدهار الاقتصادي. لكن حلم السودانيين وجهود ممثلي قوى الحرية والتغيير لم تتحقق إذ عاد بلد النيل الأزرق والأبيض عدة مرات إلى نقطة الصفر بسبب تشبث الجيش بالسلطة وفرض شروطه الخاصة بخصوص المرحلة الانتقالية.

فبعدما حدد زمن هذه المرحلة بستة أشهر، قام العسكر بتمديدها عدة مرات أخرى ليبتعد رويدا رويدا حلم بناء سودان جديد يضم جميع مكوناته السياسية والعرقية والدينية. ولفهم مسار الأزمة السياسية العميقة التي يعيشها السودان منذ 2019، تستحضر فرانس24 أبرز المراحل والأحداث التي عاشها هذا البلد منذ أربع سنوات وحتى اندلاع اشتباكات عنيفة السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع.

في العام 1989: وصل عمر البشير إلى السلطة عبر انقلاب عسكري على حكومة الأحزاب الديمقراطية السودانية التي كان يقودها الصادق المهدي وبدعم الجبهة القومية الإسلامية التي كان يحكمها حسن الترابي. احتل البشير منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو/حزيران من نفس السنة. نظم عدة انتخابات رئاسية وفاز بها كلها بدعم من حزب المؤتمر الوطني الذي كان يسانده. واجه البشير انقلابات عسكرية عديدة أبرزها “انقلاب 1990” بقيادة عسكريين على غرار الفريق خالد الزين نمر واللواء الركن عثمان إدريس…لكن الانقلاب فشل كليا وتم توقيف المدبرين له وأعدم البشير 28 ضابطا. حكم البشير السودان بالحديد والنار فيما انتشرت الرشوة والفساد والنزاعات المسلحة الداخلية أبرزها دارفور. كما انقسم السودان إلى بلدين (السودان وجنوب السودان) في زمن البشير.

19  أبريل/نيسان 2019: بدأت مظاهرات شعبية كبيرة مع بداية الشهر تنديدا بتدهور الوضع الاجتماعي وبغلاء المعيشة، اغتنم عسكريون على غرار عبد الفتاح البرهان الوضع للقيام بانقلاب عسكري غير دام ضد البشير وحاشيته. فيما تم توقيف الرئيس السابق وسجن في الخرطوم. جرت بعدها وقفات واعتصامات لعدة أيام متتالية أمام مقر القيادة العسكرية حيث كانت تدور محادثات بين ممثلي قوى الحرية والتغيير ومسؤولين كبار في الجيش بهدف رسم خريطة تضمن العودة إلى الشرعية السياسية عبر انتخابات نزيهة وشاملة تعاد بموجبها السلطة للمدنيين.

20 آب/أغسطس 2019: مجلس السيادة السوداني يعين عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء وفقًا لما يقتضيه مشروع الإعلان الدستوري. استقبل السودانيون هذه التسمية بأمل لأن حمدوك يتمتع بسمعة طيبة وبكفاءات معتبرة اكتسبها عندما عمل في العديد من المؤسسات الاقتصادية والتنموية التابعة للأمم المتحدة بأفريقيا. كما أنه يعتبر من بين المسؤولين النزهاء الذين لم يتورطوا في قضايا فساد بالسودان. لقي ترحيبا كبيرا من قبل الأمم المتحدة ومنظمات عالمية أخرى كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي أبدت رغبتها في العمل معه لتخفيف عبء الديون التي بلغت حوالي 60 مليار دولار. لكن حمدوك لم يبق طويلا على رأس الحكومة.

25 تشرين الأول/أكتوبر 2021: تم توقيف الغالبية الساحقة من المسؤولين المدنيين وبينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعد رفضهم دعم “الانقلاب” الذي قاده قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان. هذا الأخير أعلن حالة الطوارئ بعد حل السلطات الانتقالية وإقالة عدد كبير من أعضاء الحكومة والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة المسؤول عن قيادة المرحلة الانتقالية فيما ردت الولايات المتحدة على هذه الخطوة بتعليق مساعدات بقيمة 700 مليون دولار للسودان.

26 تشرين الأول/أكتوبر2021: تظاهر آلاف السودانيين ضد الجيش في الخرطوم وأغلقوا الشوارع. فيما نشرت القوات الأمنية مدرعات على الجسور ومحاور الطرق الرئيسية. في المساء، وبعد العديد من الدعوات للإفراج عن رئيس الوزراء الذي كان قائد الجيش يحتجزه في بيته، وضع عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية في منزله الشخصي. من جهة أخرى، قام الاتحاد الأفريقي بتعليق مشاركة السودان في كل نشاطاته وأوقف البنك الدولي مساعداته ودعا مجلس الأمن الدولي إلى إعادة تشكيل “حكومة انتقالية يقودها مدنيون”. وهو مطلب أعلنه أيضا الرئيس الأمريكي جو بايدن.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *