قفزة ثورية في عالم الرقائق.. شريحة ثلاثية الأبعاد تُسرع الذكاء الاصطناعي بعشرة أضعاف

طور مهندسون في الولايات المتحدة شريحة حوسبة جديدة ثلاثية الأبعاد بتصميم غير مسبوق، قد تمهد لمرحلة جديدة في عتاد الذكاء الاصطناعي وتعزز الابتكار المحلي في صناعة أشباه الموصلات.

وبحسب الفريق البحثي، أظهرت الاختبارات العملية والمحاكاة أن الشريحة الجديدة تتفوق على الرقائق التقليدية ثنائية الأبعاد بنحو عشرة أضعاف في الأداء، ما يمثل قفزة نوعية في سرعة معالجة البيانات.

وعلى عكس الرقائق المسطحة المستخدمة حالياً، يعتمد التصميم الجديد على بنية عمودية متعددة الطبقات، حيث تتكدس المكونات فائقة النحافة فوق بعضها كطوابق مبنى شاهق، بينما تعمل التوصيلات الرأسية كـ “مصاعد فائقة السرعة” تنقل كميات هائلة من البيانات في وقت قياسي، بحسب تقرير نشره موقع “interestingengineering” واطلعت عليه “العربية Business”.

ويساعد هذا التصميم، الذي يجمع بين كثافة غير مسبوقة للتوصيلات الرأسية ودمج محكم بين وحدات الذاكرة والمعالجة، على تجاوز الاختناقات التقنية التي لطالما أعاقت تطور الرقائق التقليدية.

 

عصر جديد لصناعة الرقائق

وقال سوبهاسيش ميترا، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة ستانفورد والمشرف الرئيسي على الدراسة التي عُرضت في مؤتمر IEEE الدولي لأجهزة الإلكترونيات: “هذا الابتكار يفتح الباب أمام عصر جديد من إنتاج الرقائق والتطوير التقني، مثل هذه الاختراقات هي ما نحتاجه للوصول إلى تحسينات في العتاد تصل إلى ألف مرة، وهي متطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية”.

ورغم أن مختبرات أكاديمية سبق أن طورت نماذج أولية لرقائق ثلاثية الأبعاد، فإن هذه المرة الأولى التي تُظهر فيها شريحة من هذا النوع تحسناً واضحاً في الأداء، مع تصنيعها فعلياً داخل مسبك تجاري.

 

كسر “جدار الذاكرة”

في الرقائق التقليدية، توضع المكونات على سطح واحد مسطح مع ذاكرة محدودة ومتباعدة، ما يفرض على البيانات أن تسلك مسارات طويلة ومزدحمة.

ومع تسارع وحدات المعالجة مقارنة بسرعة نقل البيانات، ينشأ ما يُعرف هندسياً بـ “جدار الذاكرة”، حيث تتوقف القدرة الحاسوبية بانتظار وصول المعلومات.

أما التصميم الجديد، فيعالج هذه المشكلة عبر دمج الذاكرة والمعالجة عمودياً، ما يسمح بنقل البيانات بسرعة وكفاءة أعلى.

وقال تاتاغاتا سريماني، الأستاذ المساعد في جامعة كارنيغي ميلون وأحد كبار الباحثين في الدراسة: “عندما ندمج الذاكرة والمعالجة بشكل عمودي، يمكننا نقل كميات أكبر من المعلومات بسرعة أكبر، تمامًا كما تسمح مصاعد ناطحات السحاب بنقل عدد كبير من السكان بين الطوابق في الوقت نفسه”.

 

نتائج واعدة للذكاء الاصطناعي

وشارك في تطوير الشريحة باحثون من جامعات ستانفورد، كارنيغي ميلون، بنسلفانيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالتعاون مع شركة SkyWater.

وأظهرت الاختبارات الأولية أن النموذج الحالي يتفوق على الرقائق ثنائية الأبعاد بنحو أربعة أضعاف، بينما تشير محاكاة إصدارات مستقبلية أطول، مع عدد أكبر من الطبقات، إلى تحسينات قد تصل إلى 12 ضعفاً في تطبيقات ذكاء اصطناعي حقيقية، بما في ذلك نماذج مستوحاة من نموذج LLaMA مفتوح المصدر التابع لشركة ميتا.

كما يرى الفريق أن هذا التصميم قد يفتح الطريق لتحقيق تحسن يتراوح بين 100 و1,000 ضعف في كفاءة استهلاك الطاقة مقابل الأداء، وهو مقياس أساسي يجمع بين السرعة والكفاءة الطاقية.

وقال روبرت رادواي، الأستاذ المساعد في جامعة بنسلفانيا وأحد المشاركين في البحث: “جدار الذاكرة وجدار التصغير يشكلان معاً تحدياً قاتلاً، واجهنا هذا التحدي مباشرة عبر دمج الذاكرة والمنطق بإحكام والبناء عمودياً بكثافة عالية، إنها أشبه بمانهاتن عالم الحوسبة، عدد أكبر من السكان في مساحة أصغر”.

ويرى خبراء أن هذا التقدم قد يشكل حجر أساس للجيل القادم من رقائق الذكاء الاصطناعي، مع وعود بأداء غير مسبوق وكفاءة أعلى في استهلاك الطاقة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *